ستارمر و«تغيير» بريطانيا.. ودع إرث الماضي بحسم ملفات الحاضر

على الرغم من مرور ما يقرب من شهرين منذ توليه السلطة، إلا أن أسلوب إدارة كير ستارمر أظهر اختلافًا كبيرًا عن الإدارات السابقة.

وذكّرت أعمال الشغب الأخيرة بريطانيا المواطنين والحكومة الجديدة بقيادة كير ستارمر بآخر مرة حدثت ها أحداث مماثلة عام 2011، عندما قرر عمدة لندن بوريس جونسون إكمال إجازته وعدم العودة.

وتتحرك حكومة ستارمر العمالية بسرعة كبيرة لتترك وراءها حقبة جونسون، حيث كان عمدة العاصمة، مرورا بعمله كوزير للخارجية، وصولا إلى داونينج ستريت، الحقبة التي شهدت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ( خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي).

ووفقا لمجلة فورين بوليسي الأمريكية، فرغم مرور أقل من شهرين على فوز ستارمر الحاسم الانتخابات العامة التي أجريت الرابع من يوليو/تموز، فإن أسلوب وأسلوب الحكم المملكة المتحدة أصبح أكثر اختلافا عن الإدارات السابقة.

احتراة غائبة

وقال التقرير إن ستارمر “أظهر احتراة كانت غائبة البلاد خلال سنوات الفوضى التي أعقبت استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2016، عندما تعثرت بريطانيا خلال حكم تيريزا ماي المهتز، والتي كانت تعاني أيضًا من تهريج جونسون، من خلال كارثة ليز تيراس”. والتي استمرت لفترة قصيرة وانتهى ريشي سوناك.

وبحسب المجلة الأمريكية فإن “عزم ستارمر أصبح واضحا ملف أوكرانيا، حيث سمح بنشر معظم الأسلحة الثقيلة المصنوعة بريطانيا لدعم الغزو الأوكراني لمنطقة كورسك الروسية”.

كما أعطى تعليماته لوزرائه لوضع سياسة طموحة المجالات ذات الأولوية، خاصة تقليل قيود التخطيط وتعزيز الطاقة المتجددة. إضافة إلى ذلك، كان صارما التعامل مع إرث حزب المحافظين من خلال الهجوم المستمر على الإدارات السابقة. لكن النقطة الأهم كانت قبضته الحديدية على الأجهزة الحكومية.

وحقق ستارمر كل ذلك قبل الفوضى التي اجتاحت 12 مدينة على الأقل بعد مقتل 3 تلميذات هجوم نسبه اليمين المتطرف زورا إلى مهاجر مسلم.

ورد ستارمر على أعمال الشغب، فأرسل تعزيزات من منطقة إلى أخرى لمنع عودتها واعتقال الجناة أثناء أعمال الشغب وبعدها، بينما شهد كل يوم من أيام الاضطرابات تطبيقًا صارمًا للقانون والنظام.

حازم وحاسم

ورغم أن ستارمر لم يأمر القضاة باتخاذ موقف الالتزام بفصل السلطات، إلا أنهم أصدروا أحكاما غير مسبوقة بالسجن، تصل بعض الحالات إلى 6 سنوات.

وصدرت بعض أحكام السجن بحق عدد من الأشخاص الذين نشروا تعليقات تحريضية مناهضة للمهاجرين على الإنترنت، الأمر الذي أثار حظة المدافعين عن حرية التعبير، ومن بينهم إيلون ماسك، صاحب منصة التواصل الاجتماعي “إكس”.

شعرت الصحف اليمينية، التي لا تزال تهيمن على المشهد الإعلامي البريطاني، أنه ليس أمامها خيار سوى دعم الحكومة نهجها الذي لا يتسامح مطلقًا مع العنف.

بعد ما يزيد قليلاً عن أسبوع من اندلاع الاضطرابات، تمت استعادة النظام واجتاز ستارمر أول اختبار له ضد المدعي العام السابق؛ وبحسب المجلة الأمريكية، التي قالت إن رئيس الوزراء العمالي يعد مثالا نادرا لسياسي بريطاني بارز كان يدير خدمة مدنية كبرى قبل دخول عالم السياسة.

وبينما قرر ستارمر إلغاء إجازته العائلية بعد اندلاع أعمال الشغب، واصلت وسائل الإعلام المحافظة البحث عن فرصة لانتقاد الحكومة الجديدة، كما جاء التقرير الذي نشرته صحيفة ديلي ميل حول الخلاف بين مستشار الوزير والرئيس المكلف للاستراتيجية السياسية مورجان ماكسويني والمستشارة الأخرى سو جراي.

القفز على الاتهامات

وتتمتع غراي بمكانة أسطورية الحكومة البريطانية، مع مراقبتها للياقة البدنية الخدمة المدنية لمدة ست سنوات إلى جانب دورها “المهم” تحقيقات “بارتي جيت” التي أسقطت جونسون بسبب انتهاكه قواعد التباعد الاجتماعي خلال جائحة كورونا، قبل أن يختارها ستارمر. لقيادة مكتبه المعارضة.

وزعمت صحيفة “ديلي ميل” أن غراي منع رئيس الوزراء من تلقي إحاطات أمنية مهمة، وهو ما نفاه الذي انزعج من هذه الادعاءات، مع العلم أنها أضرار جانبية لا يمكن تجنبها.

ويبدو أن ستارمر، الذي يعتمد على أغلبية برلمانية ضخمة، عازم على سحق أي معارضة لخططه لانتشال البلاد من مستنقعها الاقتصادي والمدني.

وقد أعرب وزراء العمل مرارا وتكرارا عن صدمتهم من إرث المحافظين ظل مزاج عام سيئ يمنحهم وقتا محدودا لتحسين حياة البريطانيين قبل أن يتحول اللوم إليهم ويتحول الاهتمام إلى الشعبويين اليمينيين مثل نايجل فاراج وحزبه الإصلاحي. .

منذ توليه منصبه، عمل ستارمر بشكل مستمر، وحضر سلسلة من مؤتمرات القمة الدولية، وخلال الأسابيع الثلاثة المتبقية من دورة البرلمان، لضمان إصدار الإعلانات التشريعية المختلفة قبل اندلاع أعمال الشغب.

ربما يأتي التحدي الأكبر الذي يواجهه ستارمر؛ ورغم نجاحه القضاء على الاضطرابات، إلا أنه لم يتخلص من أسبابه القائمة على عدم الرضا عن حالة الاقتصاد والخدمات العامة مثل الخدمات الصحية والإسكان وحالة الشوارع، وهي قضايا لم تترسخ فقدان عميق للثقة السياسيين وقدرتهم على إحداث التغيير.